161 ـ بطرس بطرس غالي Boutros Boutros - Ghali

يناير 1992 ـ ديسمبر 1996 هو سادس من شغل وظيفة الأمين العام للأمم المتحدة. بدأ بطرس غالي فترته في 1 يناير عام 1992م لفترة واحدة مدتها خمس سنوات بناءاً على اختيار الأمانة العامة له في الثالث من ديسمبر عام 1991م. وقد كان وقتها يشغل منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الخارجية لجمهورية مصر العربية، كما كان يشغل قبلها منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية في الحكومة ذاتها من أكتوبر عام 1977م وحتى مايو عام 1991م.

وكانت تقوية المنظمة الدولية واستغلال الفرصة السانحة بعد الحرب الباردة، لنشر الديموقراطية والسلام في العالم أهم أولويات بطرس غالي عند توليه المنصب الجديد.

في 31 يناير 1992م، وفي أول اجتماع لمجلس الأمن يعقد على مستوى رؤساء الدول والحكومات تقدم بطرس غالي بتصور جديد لإحلال السلام في العالم مضيفاً فيه أبعاداً جديدة وتصورات حديثة وقدم بطرس غالي خطة السلام (Agenda for Peace) في 17 يونيه 1992م. عرف فيها دور ووظائف الأمم المتحدة في الحقبة الجديدة حقبة ما بعد الحرب الباردة والذي ظهر في العديد من صور عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وبعثات المراقبة، وقد تم ترجمة هذا التقرير إلى أكثر من 29 لغة وكان مثار العديد من المناقشات الواسعة.

وفي الثالث من يناير عام 1995م أصدر بطرس غالي ملحقاً لخطة للسلام مبيناً فيه الأماكن التي واجهت فيها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة صعوبات وعراقيل والسبل المتاحة والممكنة للتغلب على هذه العراقيل. حيث أنه منذ انتهاء الحرب الباردة، قامت الأمم المتحدة بتنفيذ عمليات حفظ سلام أكثر مما نفذته في الأربعين سنة السابقة ومن هذه العمليات ما قامت به القوات التابعة للأمم المتحدة في أنجولا وموزمبيق والسلفادور والصومال وقوات الحماية الدولية في ما كانت تسمى يوغسلافيا سابقاً وعملية الأمم المتحدة لنقل السلطة في كمبوديا. كما قام بطرس غالي بتعيين عدداً غير قليل من المبعوثين الخاصين والممثلين لمعاونته بما يمكن القيام به لإنهاء التوتر الدائم والعداء وإحلال السلام في أماكن عديدة من العالم، متبنياً فكرة أنشطة بناء السلام وذلك لإرساء دعائم سلام دائم ومن هذه الدعائم بناء جسور الثقة بين الدول وإعادة تقوية الديموقراطية وتحويل المجتمعات المتحاربة والمتصارعة إلى مجتمعات حضارية وإعادة بناء ما دمرته الصراعات لمنع رجوعها وتكرارها.

ومنذ توليه منصبه عمل بطرس غالي على تقوية وإنعاش جميع نواحي التنمية المنوطة بالمؤسسة الدولية. ومن ضمن ما قام به في هذا الصدد العديد من المؤتمرات الهامة منها:-

- "مؤتمر التنمية الاقتصادية للمرأة الريفية " Summit on the Economic Advancement of Rural Women والذي عقد في فبراير 1992م في جنيف.

- مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية The United Nations Conference on Environment and Development - Rio de Janeiro والذي عقد في ريو دى جانيرو في عام 1992م.

- المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان (World Conference on Human Rights) والذي عقد في فيينا عام 1993م.

- المؤتمر الدولي للتخفيف من الكوارث الطبيعية (World Conference on Disaster Natural Reduction والذي عقد في يوكوهاما (Yokohama) في مايو 1994م.

-       المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (International conference on Population and (Development والذي عقد في القاهرة في سبتمبر 1994م.

-        المؤتمر العالمي للتنمية الاجتماعية (World Summit for Social Development - (Copenhagen والذي عقد كوبنهاجن في مارس 1995م.

-        المؤتمر العالمي الرابع للمرأة (Fourth World Conference on Women) والذي عقد في بكين (Beijing) في الصين في سبتمبر 1995م.

-            الدورة التاسعة من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية
The Ninth Session of the United Nations Conference on Trade and Development - UNCTAD IX والتي عقدت في الفترة من أبريل - مايو 1996م، في جنوب أفريقيا والذي يعد في نفس الوقت أول مؤتمر دولي للأمم المتحدة يعقد في جنوب أفريقيا على الإطلاق.

كما حضر بطرس غالي مؤتمر المدينة (The City Summit) في يونيه 1996م، وافتتح مؤتمر الغذاء العالمي (World food Summit) والذي عقد في روما في نوفمبر 1996م، ويرى الأمين العام أهمية هذه المؤتمرات في الارتفاع بمستوى الوعي العام بالنسبة للتنمية الدولية. وذلك نتيجة المشاركات الحكومية وغير الحكومية والأفراد المختصين والمهتمين بشؤون التنمية مما يساهم في تبادل الخبرات بين جميع دول العالم على جميع المستويات‎. وتعكس مشاركة المنظمات غير الحكومية في هذه المؤتمرات رغبة الأمين العام لإشراك ممثل جديد في العلاقات الدولية الخاضعة لأنشطة الأمم المتحدة، حيث أن الأمم المتحدة في عيدها الخمسين يجب أن تنمي وتساهم في مدى الإدراك والوعي الدولي على جميع المستويات بأهمية التنمية.

كما أن الرؤية الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة بشأن التنمية قد تم صياغتها في تقرير قدمه إلى الجمعية العامة تحت عنوان "خطة للتنمية" (An Agenda for Development) وفي هذا التقرير تعرض الأمين العام للسلام، الاقتصاد، البيئة، المجتمع، الديموقراطية كخمس أعمدة وأركان أساسية للتنمية. وفي فبراير 1995م قام الأمين العام بنشر طبعة منقحة ومراجعة من خطة للسلام وخطة للتنمية.

        وقد قام بطرس غالي بدعم الدور الهام الذي تقوم به الأمم المتحدة في مجال التحول للديموقراطية والذي ميز فترة ما بعد الحرب الباردة. فمنذ توليه الأمانة العامة، استجابت الأمم المتحدة لدعوات ما يزيد عن 72 دولة إما للمراقبة أو المشاركة أو تنظيم الانتخابات الديموقراطية. ويعد وجود ما يزيد عن 2100 مراقب من الأمم المتحدة في انتخابات جنوب أفريقيا في أبريل عام 1994م، أكبر تواجد للهيئة على الإطلاق في مجال الإسهام في مراقبة أو تنظيم الانتخابات. ونظراً لأن العملية الديموقراطية ليست فقط متمثلة في الانتخابات العادلة ولكنها نظام دولة وحياة فإن الأمم المتحدة أسهمت في إنشاء العديد من البرامج وذلك للمساهمة في تطوير المؤسسات والمعاهد الديموقراطية ومشاركة الجماهير الفعالة إضافة إلى أن أهم دعائم الديموقراطية يقع في ديموقراطية الحياة الدولية وهو الأمر الذي اعتنقه واهتم به الأمين العام طوال فترة خدمته.

        وقد سعى بطرس غالي أيضاً إلى تطوير القانون الدولي من خلال إرساء دعائم محكمتين دوليتين لمحاكمة مجرمي الحرب في يوغسلافيا السابقة ورواندا.

أتخذ بطرس غالي كذلك خطوات هامة لتقليل عدد الوظائف العليا في الهيئة الدولية مع زيادة عدد المهام المنوطة للوظائف المتبقية، وقصد بهذا الإجراء تقليل حجم الإنفاق على المنظمة الدولية مع إقلال عدد الخطوات المتخذة في البت في المواضيع والمسائل المعروضة على هيئة الأمم المتحدة وبالتالي الإسراع باتخاذ إجراءات وخطوات سريعة فيها. إلا أن اتساع مجالات الأمم المتحدة وزيادة حجم المشاكل والمسائل المنوطة بها كان أحد العقبات التي واجهت خطة وخطوات تقليل عدد العاملين بالهيئة.

كما كانت مشكلة التمويل المادي ضمن أهم المشكلات التي واجهتها الهيئة الدولية حيث أن زيادة العمليات التي تقوم بها الهيئة مثل عمليات حفظ السلام والمراقبة تعرض ميزانية الهيئة للإرهاق لأسباب عديدة إلا أن الأمين العام تبنى العديد من الدراسات التي تهدف إلى ضمان التمويل المادي وزيادة مقدرة الأمم المتحدة للوفاء بالتزاماتها في خلال الخمسين سنة المقبلة.

        وقد سافر بطرس غالي خلال مهمته كأمين عام للهيئة الدولية إلى أكثر من 50 دولة ممثلاً الهيئة الدولية ومقدماً استشاراته ونصائحه في سبيل إحلال السلام. ففي أول ديسمبر 1993م، كان بطرس غالي أول رجل غير كوري يعبر الـ BMZ من سيول (Seoul) إلى بيونجيانج (Pyongyang).

        وتقديراً لمجهوداته المتميزة في مجال إحلال السلام والتنمية والديموقراطية في العالم، فقد حصل بطرس غالي على العديد من الدرجات الشرفية.

فقد حصل على الدكتوراه الفخرية في القانون من معهد الولاية والقانون التابع للأكاديمية الروسية للعلوم (Institute of State and Law of the Russian Academy of Sciences) بموسكو وذلك في سبتمبر 1992م.

- كما حصل على الدكتوراه الفخرية من معهد الدراسات السياسية - باريس (L'institute d'etudes Politiques de Paris) في يناير 1993م.

- جائزة كرستيان أ. هرتر التذكارية (Christian A. Herter Memorial Award) وذلك من مجلس العلاقات العالمي (World Affair Council) ببوسطن في مارس 1993م.

- الدكتوراه الفخرية من جامعة لوفين الكاثوليكية ببلجيكا (The Catholic University of Louvain - Belgium)

- جائزة رجل السلام والممولة من قبل مؤسسة "السلام معاً" الإيطالية في يوليه 1993م (Together for Peace Foundation).

- الدكتوراه الفخرية من جامعة لافال (University of Laval) بكندا في أغسطس 1993م.

- جائزة النجمة البلورية للتميز من المعهد الأفريقي ـ الأمريكي (African – American Institute) ـ نيويورك في نوفمبر 1993م.

- كما حصل على العضوية الشرفية من الأكاديمية الروسية للعلوم الطبيعية (Russian Academy of Natural Science) في أبريل 1994م.

- العضوية الشرفية الخارجية من الأكاديمية الروسية للعلوم (Russian Academy of Science) في أبريل 1994م.

- العضوية الشرفية الخارجية من أكاديمية العلوم بجمهورية روسيا البيضاء (Academy of Science of Belarus) في أبريل 1994م.

- الدكتوراه الفخرية من جامعة كارلوس الثالث (University of Carlos III in Madrid) بمدريد في أبريل 1994م.

- الدرجة الفخرية من مدرسة الخدمات الخارجية بجامعة جورج تاون بواشنطن دي.سي
(The School of Foreign Service at Georgetown University) في مايو 1994م.

- الدكتوراه الفخرية في القانون الدولي من جامعة مونكتون بكندا (University of Moncton) في أغسطس 1994م.

- الدكتوراه الفخرية من جامعة بوخارست (University of Bucharest) في أكتوبر 1994م.

- الدكتوراه الفخرية من جامعة باكو (University of Baku) في أكتوبر 1994م.

- الدكتوراه الفخرية من جامعة يريفان (University of Yerevan) في نوفمبر 1994م.

- الدكتوراه الفخرية من جامعة حيفا (University of Haifa) في فبراير 1995م.

- الدكتوراه الفخرية من جامعة فيينا (University of Vienna) في فبراير عام 1995م.

- الدكتوراه الفخرية من جامعة ملبورن (University of Melburne) في أبريل 1995م.

- الدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة كارلتون (Carleton University) في نوفمبر 1995م.

- كما تلقى جائزة أوناسيس للإنجازات الاجتماعية والتفاهم الدولي في يوليه 1995م،
(Onassis Award for International Understanding and Social Achievement).

- الدكتوراه الفخرية من جامعة كوريو جمهورية كوريا في أبريل عام 1996م،
(Koryo University).

وجدير بالذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة بطرس غالي له باع طويل في العلاقات الدولية بوصفة قانونياً ودبلوماسياً وله العديد من المؤلفات القانونية. فقد كان عضواً في مجلس الشعب المصري "البرلمان المصري" في عام 1987م، وقبل ذلك كان عضواً بالأمانة العامة للحزب الوطني الديموقراطي منذ عام 1980م، كما كان عضواً في لجنة القانون الدولي (International Law Commission) منذ عام 1979م وحتى عام 1991م.

        كما كان عضواً في اللجنة الدولية للقانونيين (International Commission of Jurists) كما أنه عضو في العديد من المنظمات والمعاهد المختلفة منها: معهد القانون الدولي والمعهد الدولي لحقوق الإنسان والجمعية الأفريقية للدراسات السياسية. كما شارك بطرس غالي في العديد من الاجتماعات والمؤتمرات المختصة بحقوق الإنسان، القانون الدولي، الاقتصاد، والتنمية الاجتماعية، ومسائل الشرق الأوسط، القانون الدولي الإنساني، حقوق الأقليات والعرقيات، تنمية منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، والتعاون العربي الأفريقٍي.

        وفي سبتمبر 1978م شارك بطرس غالي في مؤتمر كامب ديفيد وكان له دور رئيسي في إبرام معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل والتي تم التوقيع عليها في 26 مارس 1979م.

        كما رأس العديد من وفود مصر في اجتماعات منظمة الوحدة الأفريقية وحركة عدم الانحياز، ورأس كذلك وفود مصر في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979، 1982، 1990م.

        ومما هو جدير بالذكر أن بطرس غالي حاصل على الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة باريس عام 1949م، وكان موضوع رسالة الدكتوراه هو دراسة المنظمات الإقليمية، وقد تخرج بطرس غالي في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1946م، وحصل على دبلومة مستقلة من جامعة باريس في العلوم السياسية والاقتصاد.

        وعلى المستوى الأكاديمي، فإن بطرس غالي كان له العديد من الأنشطة المتعددة، ففي الفترة ما بين 1949-1977م عمل بطرس غالي أستاذاً للقانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة القاهرة، وكان عضوا في اللجنة المركزية والقنصلية السياسية في الاتحاد الاشتراكي العربي في الفترة من 1974م وحتى 1977م، كما أن من أنشطته في المجال الأكاديمي حصوله على منحة الفولبرايت في جامعة كولمبيا في الفترة من 1954-1955م، وشغل منصب مدير مركز أبحاث أكاديمية لاهاي الأكاديمي للقانون الدولي (Center of Research of the Hague Academy of International Law) في الفترة من 1963-1964م، وأستاذاً زائراً في كلية الحقوق - جامعة باريس في الفترة من 1967-1968م، كما درس أيضا القانون الدولي والعلاقات الدولية في العديد من الجامعات في أفريقيا، آسيا، أوروبا، أمريكا اللاتينية، أمريكا الشمالية.

        كما رأس بطرس غالي الجمعية المصرية للقانون الدولي منذ عام 1965م ومركز الدراسات السياسية والإستراتيجية (الأهرام) منذ 1975م. كما عمل عضوا في المجلس التنفيذي في مركز أبحاث لاهاي الأكاديمي للقانون الدولي منذ 1978م وعضو في الجمعية العلمية لـ (AcademieMondiale Pour la Paix) منذ عام 1978م، وعضو مشارك في Institute Affari Internazionali (Rome) منذ عام 1979م. كما خدم بطرس غالي في لجنة الإصلاح والتوصيات التطبيقية التابعة لمنظمة العمل الدولية منذ عام 1971-1979م، كما كان له الفضل في نشر مجلة الأهرام الاقتصادي، التي تصدر في القاهرة والتي رأس تحريرها في الفترة من 1960-1975م، ومجلة السياسة الدولية التي رأس تحريرها أيضا حتى عام 1991م، كما أن له أكثر من مائة منشور في مجال العلاقات الدولية والإقليمية والقانون والعلوم السياسية والدبلوماسية. كما تلقى أثناء ذلك العديد من الجوائز والدرجات الشرفية من أكثر من 24 دولة.

ومن أهم مؤلفات بطرس غالي أثناء عمله كأمين عام للأمم المتحدة.

1 -  خطة السلام.

2 -  ملحق لخطة للسلام.